تتفاخر جزر فرسان في المملكة العربية السعودية بمهرجانها السنوي البارز، مهرجان صيد أسماك الحريد، الذي يجمع بين جمال التراث وروعة الطبيعة في فعالية تشكل حدثًا سنويًا ينتظره سكان المنطقة وزوارها بشغف.
يأتي هذا المهرجان تتويجًا لتقاليد عريقة تمتد لمئات السنين، حيث يحتفل سكان جزر فرسان عند نهاية شهر أبريل بصيد أسماك الحريد، وينشدون كلمات شعرية خاصة للعرائس اللواتي لم يكملن عامهن الأول من الزواج، كما يُعد هذا المهرجان فرصة للاحتفاء بالموروث الشعبي وتبادل التهاني والأمنيات.
لكن جمال هذا المهرجان، الذي يأتي في نسخته العشرين هذا العام، لا يقتصر فقط على فن الاحتفال والتراث الثقافي، بل يمتد إلى الطبيعة الساحرة التي تحتضنها جزر فرسان. ففي هذا الوقت من العام، تتزامن وفرة أسماك الحريد مع هجرة الطيور القادمة من أوروبا والدول الاسكندنافية، ما يجعل الجزر محطة مهمة على مسارات هجرة الطيور.
عندما يظهر "سواد" الحريد، يبدأ الصيادون في ممارسة مهمتهم المثيرة، حيث يحلقون بشباكهم المعدة بعناية، ويقومون بتشكيل سور شجري لمنع فرار الأسماك، ثم ينطلقون وسكان الجزيرة معًا لبدء عملية الصيد. تتميز شباك الصيد المخصصة لسمك الحريد بتصميم دائري يشبه الشباك المستخدمة في رياضة كرة السلة، ما يسهل عملية الصيد ويضمن حصول كل صياد على نصيبه العادل.
تشكل هذه الفعالية مزيجًا فريدًا من التراث والطبيعة، حيث تجسد روح الإبداع والتلاحم بين الإنسان وبيئته. إن مهرجان صيد سمك الحريد في جزر فرسان ليس مجرد فعالية ترفيهية، بل هو تعبير عن اندماج عميق بين الإنسان والطبيعة، وعن حفاظهم على تقاليدهم وتراثهم بطريقة مبتكرة وماتعة.
يبقى مهرجان الحريد في جزر فرسان مثالًا بارزًا على كيفية استغلال الفعاليات الثقافية والترفيهية للحفاظ على التراث وتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة والحياة البرية. إنها مناسبة سعيدة تنعش روح المجتمع وتجمع بين الأجيال في تجربة فريدة تعكس جمال الثقافة والطبيعة في جزر فرسان.