عبير الفوزان
ليس من السهلِ أن تختصرَ الملاحمَ الأسطوريةَ في يوم، أو أن تحكي عن بداياتٍ أكبرَ من كونِها بدايات، لكنك تستطيعُ أن تختصرَها في كلمةٍ عظيمةٍ وهي (السعودية). هذه القصةُ الملحميةُ في أولاها، والبطولية في ثانيتِها لتصبح ثالثتُها مملكةً عربيةً سعوديةً عُرفت بتاريخِها المجيد.
هي امتدادٌ لثلاثةِ قرونٍ من ذلك اليوم الذي أسسَ فيه الإمامُ محمدُ بنُ سعودٍ في اليومِ الثاني والعشرين من شهرِ فبراير من عامِ 1727م، سعوديةً عاصمتُها الدرعيةُ، تقعُ على ضفافِ وادي حنيفةَ، ولم تخضعْ لأي نفوذٍ في المنطقةِ، أو خارجَها، بل كانت مثالاً للاستقلال السياسي والازدهار الذي بُشرت به الدولة السعودية الأولى، حيث تأسستْ في سنةِ (رجعان سحي) وهي بحسبِ المؤرخينَ سنةُ غيثٍ ومطرٍ بعد قحطٍ كان قد عمّ نجدًا والمنطقة.
استمرتِ البطولاتُ ليسجلَها التاريخُ مع الدولةِ السعوديةِ الثانيةِ وإمامُها تركيٍ بنُ عبدالله مثالٌ حيٌّ على ملحمةٍ للشجاعةِ، فهو صاحبُ (السيفِ الأجربِ) والقائلُ في قصيدتِه الطويلة:
طارى الكرى من موق عيني وفرا وفزيت من نومي طرى لي طواري
يوم إن كل من خويه تبرا حطيت الأجرب لي خوي مباري
لقد كان ذلك السيفُ الأجربُ الشاهدَ الرمزَ على البداياتِ وبطولاتِ إمامِ السعوديةِ الثانيةِ التي كانت عاصمتُها الرياضَ في عام 1824م . ومن ابنِ أصغرِ أنجالِ فيصل بن تركي (الأميرعبدالرحمن بن فيصل) جاء الامتدادُ والقوةُ والتوحيدُ مع الملكِ عبدِالعزيزِ بنِ عبدِالرحمنِ آل سعود، طيب الله ثراه، فصارت السعوديةُ الثالثةُ التي لايزال عمادُها الرخاءَ مع (بئرِ الخير) واكتشافِ النفط.
كلُّ إمامٍ وملكٍ من أئمةِ السعوديةِ وملوكِها له فألُ خيرٍ أو قوة، فكما أسس الإمامُ محمد بن سعود السعوديةَ الأولى مع تباشيرِ الخيرِ والغيثِ في سنةِ (رجعان سحي)، كذلك كان فألُ الإمام فيصل بن تركي (السيفَ الأجربَ) الذي خاض به معاركَه وانتصر. أما الملكُ عبدِالعزيزِ الذي وحدّ السعوديةَ شمالا وشرقا وغربا وجنوبا فكان فأله خير الجزاء على التوحيد ولم الشتات بأن تفتحت له خزائنُ الأرضِ مع (بئرِ الخير).
لمثل هذه الملاحم ينبغي الاحتفاء ولمثل هذه البدايات ينبغي الإجلال، فالسعوديةُ اليومَ بحاضرِها المشرقِ مع الملكِ سلمانَ بنِ عبدالعزيزِ آل سعود و ولي عهدِها الأميرِ محمدِ بنِ سلمانَ سليلةُ مجدٍ وتاريخِ خيرٍ ورخاءٍ متواتر.