تنتابك قشعريرة التوجس والخيفة عندما تهم بولوج كهف الشويمس وعتمته، بيد أن لذة المغامرة لاكتشاف المجهول تدفعك للمضي قدمًا في سبر أغواره المتشعبة، وسرعان ما تهدأ روحك حالما تقع عيناك على ملامح جمالياته تحت الإضاءة الصناعية.
الموقع
يقع كهف الشويمس على بُعد 45 كيلومترًا تقريبًا شمال فدك، التابعة لمحافظة الحائط في منطقة حائل، ويبعد عن مدينة حائل 250 كيلومترًا، ويُعد أضخم كهف لابي- واللابي من اللابة وهي الحمم بعد تجمدها، في المملكة.
الكهف وتضاريسه
عند زيارة كهف الشويمس لا بد من التوغل في أراضي منطقة الشويمس شديدة الوعورة، والالتفاف حول تشكيلات ساحرة لصخور الحمم السوداء المتراكبة، التي تملأ المكان، وتكاد تعيق الوصول إلى الكهف، في بيئة شديدة الغرابة وكأنها لا تنتمي إلى كوكب الأرض. منطقة الشويمس منطقة بركانية كبيرة تقع بين حَرَّة خيبر وحَرَّة ليلى، تزخر بالأودية، والقيعان، والكهوف، والمزارع، والقرى الصغيرة. يقع الكهف المعني في مرتفع صخري ليس ببعيد عن جبلي حزم خضراء والبركانيين اللذين يتوسطان حَرَّة ليلى شامخين بفوهتيهما العظيمتين، يتوشحان بالصخور البركانية، ولابة ضرغد التي ذكرها عامر بن الطفيل بقوله:
فَلَأَبغِيَنَّكُمُ المَلا وَعَوارِضًا وَلَأورِدَنَّ الخَيلَ لابَةَ ضَرغَدِ
الكهف في الأصل متنفس لحمم بركان جبل خضراء القريب، وبعد أن خمد البركان وبردت الحمم، تركت هذا التجويف المتشعب المليء بالمفاجآت الجمالية. للكهف مدخل واسع يرتفع نحو أربعة أمتار، وبعمق إجمالي يصل إلى ثلاثة كيلو مترات، تتشكل فيه شبكة من الأنفاق المظلمة يتراوح عرضها ما بين ثلاثة أمتار إلى خمسة عشر مترًا، ينتهي بعضها إلى صالات مهيبة ترتفع سقوفها إلى عشرة أمتار أو أكثر، بتشكيلات صخرية وكلسية بديعة. تتطلب زيارة الكهف التسلح بكشافات قوية تساعد على كشف خباياه ومفاصله. يتميز الكهف بأجواء معتدلة تشعر بالدفء في الشتاء والبرودة في الصيف. على أن ما يصيب بقشعريرة الخوف هو وجود مقدار وافر من العظام الحيوانية في زوايا الكهف وعلى أرضيته الرملية، ما يدل على أنه كان ملاذًا للحيوانات التي كانت تجلب فرائسها لالتهامها في الخفاء، إلا أن ذلك لم يكن ليخفي جماليات الكهف بقدر ما هو إضافة متميزة تزيد من رهبة المكان، وتستجلي الفضول وروح المغامرة في النفس، لاسيما مع وطوطة الخفافيش، وصرير الرياح.
وجهة سياحية متميزة
تعج المنطقة خارج كهف الشويمس، لاسيما موقع راطا والمنجور، بالنقوش، والكتابات، والرسومات التي تعود إلى نهاية العصر الحجري الأوسط، ما بين 12 ألف و14 ألف سنة، علاوة على الكتابات الثمودية، لتجعلها بحق متحفًا طبيعيًا مفتوحًا، ولتكون مع الكهف وجهة سياحية جاذبة جديرة بشد الرحال إليها بعد أن أدرجتها اليونيسكو من بين قائمة التراث العالمي. يحرص هواة الطيران الشراعي والتصوير الجوي على زيارة المنطقة والاستمتاع بالتحليق في أجوائها المعتدلة، لما تتمتع به من مناظر آسرة، وبيئة بركانية نادرة ليس لها مثيل في المملكة.